کد مطلب:240982 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:119

علی الخبیر سقطت
روی الشیخ الصدوق بسنده إلی الحسن بن محمد النوفلی ثم الهاشمی مناظرة الإمام الرضا علیه السلام مع أهل الأدیان و اصحاب المقالات فی التوحید عند المأمون... إلی أن قال:

«قال الجاثلیق: أخبرنی عن حواری عیسی بن مریم كم كان عدتهم؟ و عن علماء الإنجیل كم كانوا؟ قال الرضا علیه السلام علی الخبیر سقطت، أما الحواریون فكانوا اثنی عشر رجلا و كان أعلمهم و أفضلهم ألوقا، و أما علماء النصاری فكانوا ثلاثة رجال یوحنا الأكبر بباخ، و یوحنا بقرقیسا، و یوحنا الدیلمی برجاز و عنده كان ذكر النبی (ص) و ذكر أهل بیته و أمته، و هو الذی بشر أمة عیسی و بنی إسرائیل به. ثم قال له: یا نصرانی و الله إنا لنؤمن بعیسی الذی آمن بمحمد - صلی الله علیه و آله -...» [1] .

هذه النبذة من المناظرة المشتملة علی المثل السائر: «علی الخبیر سقطت». قال المیدانی بعد ذكر المثل أی «علی الخبیر سقطت»:

الخبیر: العالم، و الخبر: العلم، و سقطت: أی عثرت، عبر عن العثور بالسقوط؛ لأن عادة العاثر أن یسقط علی ما یعثر علیه. یقال إن المثل لمالك بن جبیر العامری و كان من حكماء العرب و تمثل به الفرزدق للحسین بن علی - علیه السلام - حین أقبل یرید العراق، فلقیه و هو یرید الحجاز فقال له الحسین - علیه السلام -: ماوراءك؟ قال: علی الخبیر سقطت، قلوب الناس معك و سیوفهم مع بنی أمیة، و الأمر ینزل من السماء، فقال الحسین - علیه السلام -: صدقتنی. [2] .

قال صاحب المستقصی: سأل حارثة بن عبدالعزیز العامری مالك بن حنی العامری و كانت بینهما منافرة عن أول من قاله، و سأل الحسین



[ صفحه 335]



ابن علی - علیهماالسلام - الفرزدق عن أهل الكوفة فقال: علی الخبیر سقطت، قلوب الناس معك و أسیافهم مع بنی أمیه، و الدین لعق علی ألسنتهم یحوطونه مادرت علی معاشهم، و إن امتخضوا قل الدیانون منهم، و الأمر ینزل من السماء. یضرب للعالم بالأمر، قال ربیعة الأسدی:

(الوافر)



وسائلة تسائل عن أبیها

فقلت لها وقعت علی الخبیر



رأیت أباك قد أطلی و مالت

علیه القشعمان من النسور [3] .



قوله: «والدین لعق علی ألسنتهم...» یماثله أو هو نفسه المروی عن الإمام الحسین علیه السلام فی مسیره الی كربلاء.

قال الشیخ المجلسی: «... فرحل من موضعه حتی نزل فی یوم الأربعاء أو یوم الخمیس بكربلاء، و ذلك فی الثانی من المحرم سنة إحدی و ستین ثم أقبل علی أصحابه، فقال: «الناس عبید الدنیا، و الدین لعق علی ألسنتهم یحوطونه مادرت معائشهم، فإذا محصوا بالبلاء قل الدیانون. ثم قال...». [4] .

قال العسكری:

(قولهم: علی الخبیر سقطت) یقول: إنك سألت عن الأمر الخبیربه. و الخبیر: العالم، و الخبر: العلم، و الخبرة: التجربة؛ لأن العلم یقع معها - أی مع التجربة - و فی القرآن كریم: «و لاینبئك مثل خبیر» [5] و قوله: «فسئل به خیبرا». [6] و السقوط ههنا بمعنی المصادفة، و مثله قولهم: (سقط العشاء به علی سرحان) [7] أی صادف به السرحان. [8] .

و قال ابن الأثیر: فیه - أی الحدیث -: «لله عزوجل أفرح بتوبة عبده من أحدكم یسقط علی بعیره قد أضله»: أی یعثر علی موضعه و یقع علیه، كما یسقط الطائر علی و كره. و منه حدیث الحارث بن حسان «قال له النبی صلی الله علیه -و آله - و سلم، و سأله عن شی ء فقال: علی الخبیر سقطت»: أی علی العارف به وقعت و هو مثل



[ صفحه 336]



سائر للعرب [9] .

و یروی: سأل هارون الرشید الأصمعی عن شی ء فقال الأصمعی: علی الخبیر سقطت یا أمیر...! فقال له جعفر بن یحیی: أسقطك الله من جبل أروبدا، هكذا یقال لأمیر...؟ هلا قلت: الخبیر سألت [10] .

و یماثل المثل: (علی الحازی هبطت) ذكره المیدانی مشیرا إلی المماثلة المذكورة. [11] .

فلنعد إلی كلام الرضا علیه السلام فی الجواب عما سأله الجاثلیق رأس النصاری عن عدد الحواریین و عن علماء الإنجیل بما سمعت آنفا فنقول:

الغرض من جمع المأمون أهل الأدیان و أصحاب المقالات و مناظرتهم مع حجة الله عزوجل الاختبار و الرجاء من وراء ذلك العثرة و السقوط عن الأنظار حرصا علی الملك.



[ صفحه 337]




[1] عيون أخبار الرضا (ع(129:1.

[2] مجمع الأمثال 24:2، رقم المثل 2466، حرف العين المهملة.

[3] المستقصي 164:2. القشعمان: المسن من الرجال و النسور. اللسان 485 - 484:12، في (قشعم).

[4] البحار 383:44.

[5] فاطر: 14.

[6] الفرقان: 59.

[7] مجمع الأمثال 328:1 حرف السين.

[8] الجمهرة علي هامش مجمع الأمثال 69:2.

[9] النهاية 378:2 في (سقط).

[10] هامش المستقصي 164:2.

[11] مجمع الأمثال 36:2، حرف العين المهملة.